للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عورة يجب عليها ستره إلا من ذي محرم. قال ابن قدامة في المغنى: والمرأة إحرامها في وجهها، فإن احتاجت سدلت على وجهها، وجملته أن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها كما يحرم على الرجل تغطية رأسه، إلا ما روي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، وقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين (١) » . فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها فإنها تسدل الثوب فوق رأسها على وجهها، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا (٢) » .

وإنما منعت المرأة المحرمة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يصنع لستر الوجه خاصة ولم تمنع من الحجاب مطلقا، قال أحمد: إنما لها أن تسدل على وجهها فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل. أهـ.

وقال ابن رشد في " البداية ": وأجمعوا على أن إحرام المرأة في وجهها وأن لها أن تغطي، رأسها وتستر شعرها وأن لها أن تسدل ثوبها على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال إليها.

إلى غير ذلك من كلام العلماء. فيؤخذ من هذا ونحوه أن علماء الإسلام قد أجمعوا على كشف المرأة وجهها في الإحرام، وأجمعوا على أنه يجب عليها ستره بحضور الرجال، فحيث كان كشف الوجه في الإحرام واجبا فستره في غيره أوجب.

وكانت أسماء رضي الله عنها تستر وجهها مطلقا، وانتقاب المرأة في الإحرام، لا يجوز لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الحديث المتقدم وهو من أعظم الأدلة على أن المرأة كانت تستر وجهها في الأحوال العادية ومعنى «لا تنتقب المرأة


(١) صحيح البخاري الحج (١٨٣٨) ، سنن الترمذي الحج (٨٣٣) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٦٨١) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١١٩) .
(٢) سنن أبو داود المناسك (١٨٣٣) ، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٣٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>