للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرعون {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (١) فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم لهذا الحديث الشريف، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (٢) » ، وفي لفظ آخر: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (٣) » .

وأما دعاؤهم غير الله واستغاثتهم بغير الله، أو زعمهم أن أباءهم وأسلافهم يتصرفون في الكون، أو يشفون المرضى، أو يجيبون الدعاء مع موتهم أو غيبتهم، فهذا كله من الكفر بالله - عز وجل - ومن الشرك الأكبر، فالواجب الإنكار عليهم، وعدم إتيانهم، وعدم سؤالهم، وعدم تصديقهم؛ لأنهم قد جمعوا في هذه الأعمال بين عمل الكهنة والعرافين وبين عمل المشركين عباد غير الله، والمستغيثين بغير الله، والمستعينين بغير الله من الجن والأموات وغيرهم ممن ينتسبون إليهم، ويزعمون أنهم آباؤهم وأسلافهم، أو من أناس آخرون يزعمون أن لهم ولاية أو لهم كرامة، بل كل هذا من أعمال الشعوذة، ومن أعمال الكهانة والعرافة المنكرة في الشرع المطهر.

وأما ما يقع منهم من التصرفات المنكرة من طعنهم أنفسهم بالخناجر أو قطعهم ألسنتهم، فكل هذا تمويه على الناس، وكله من أنواع السحر المحرم الذي جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه كما تقدم، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، وهذا من جنس ما قاله الله - سبحانه وتعالى - عن سحرة فرعون: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (٤)

فهؤلاء قد جمعوا بين السحر وبين الشعوذة والكهانة والعرافة وبين الشرك الأكبر، والاستعانة بغير الله والاستغاثة بغير الله وبين دعوى علم الغيب والتصرف في علم الكون،


(١) سورة الأعراف الآية ١١٦
(٢) سنن الترمذي الطهارة (١٣٥) ، سنن أبو داود الطب (٣٩٠٤) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٦٣٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٧٦) ، سنن الدارمي الطهارة (١١٣٦) .
(٣) سنن الترمذي الطهارة (١٣٥) ، سنن أبو داود الطب (٣٩٠٤) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٦٣٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٧٦) ، سنن الدارمي الطهارة (١١٣٦) .
(٤) سورة طه الآية ٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>