للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمريض والأعمال الكتابية وغير ذلك حتى يتميز هؤلاء عن هؤلاء، وحتى يبتعد الجميع عن أسباب الفتنة والخلوة المحرمة إلى غير ذلك، مما قد يقع من الفتن بأسباب الاختلاط، ثم فوق ذلك كله العناية بأمر الله الذي خلقنا له فقد عرفتم جميعا أننا خلقنا لأمر عظيم؛ وهو القيام بعبادة الله وتقواه، فلم نخلق للأكل والشرب والجماع والتلذذ بمباهج الحياة، ولكن خلقنا لنعبد الله وحده، ونتقيه سبحانه وتعالى، بفعل الأوامر وترك النواهي، عن إيمان به سبحانه وإخلاص له.

وخلق لنا سبحانه هذه الأشياء التي بين أيدينا نستمتع بها من الملابس والمساكن والمراكب والمآكل والمشارب وغير ذلك، لا لنشغل بها عن طاعة الله، ولكن لنستعين بها على طاعة الله وتقواه، كما قال جل وعلا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (١) خلق لنا ما في الأرض جميعا من مآكل ومشارب ومراكب ومساكن إلى غير ذلك من النعم وقال الله سبحانه وتعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢) سخر لنا سبحانه وتعالى ما في السماوات والأرض من الأمطار والنجوم والشمس والقمر، وما في الأرض من النعم، وما ينزله علينا جل وعلا من السماء من رزق، كل ذلك من رحمته لنا وإحسانه إلينا جل وعلا.

فالواجب علينا أن نشكره سبحانه، والشكر يكون بطاعة الأوامر وترك النواهي، لا بمجرد الكلام؛ لأن الشكر يكون بالكلام وبالفعل وبالقلب، قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} (٣) وقال سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (٤) وقال سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (٥) فالشكر يكون بالقلب واللسان والعمل كما قال الشاعر:

أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجب

فالنعمة تشكر باليد وباللسان وبالقلب، يشكر الله بمحبته وتعظيمه والإخلاص له في جميع العبادات وفي جميع الطاعات له سبحانه وتعالى فلا نعبد معه


(١) سورة البقرة الآية ٢٩
(٢) سورة الجاثية الآية ١٣
(٣) سورة سبأ الآية ١٣
(٤) سورة البقرة الآية ١٥٢
(٥) سورة إبراهيم الآية ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>