للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعمل أهل الشقاوة (١) » ثم قرأ رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (٢) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (٣) الآيتين، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة، ومنها حديث عبد الله بن مسعود المخرج في الصحيحين في ذكر خلق الجنين وأنه يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.

الأمر الثالث: من مراتب الإيمان بالقدر: أنه سبحانه وتعالى لا يوجد في ملكه ما لا يريد ولا يقع شيء في السماء والأرض إلا بمشيئته. كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (٤) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٥) وقال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (٦) {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (٧) وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (٨) وقال تعالى: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٩) وقال عز وجل: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (١٠) والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا، معلومة من كتاب الله، والإرادة في هذه الآية بمعنى المشيئة، وهي إرادة كونية قدرية، بخلاف الإرادة في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (١١) {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} (١٢) {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (١٣) فالإرادة في هذه الآيات الثلاث إرادة شرعية أو دينية، بمعنى المحبة، والفرق بين الإرادتين: الأولى: لا يتخلف مرادها أبدا بل ما أراده الله كونا فلا بد من وقوعه كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (١٤)

أما الإرادة الشرعية فقد يوجد مرادها من بعض الناس وقد يتخلف. وإيضاح ذلك أن الله سبحانه أخبر أنه يريد البيان للناس والهداية والتوبة، ومع ذلك أكثر


(١) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٩٤٩) ، صحيح مسلم القدر (٢٦٤٧) ، سنن الترمذي القدر (٢١٣٦) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٩٤) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٧٨) ، مسند أحمد بن حنبل (١/١٤٠) .
(٢) سورة الليل الآية ٥
(٣) سورة الليل الآية ٦
(٤) سورة التكوير الآية ٢٨
(٥) سورة التكوير الآية ٢٩
(٦) سورة المدثر الآية ٥٥
(٧) سورة المدثر الآية ٥٦
(٨) سورة الأنعام الآية ١١٢
(٩) سورة الأنعام الآية ٣٩
(١٠) سورة الأنعام الآية ١٢٥
(١١) سورة النساء الآية ٢٦
(١٢) سورة النساء الآية ٢٧
(١٣) سورة النساء الآية ٢٨
(١٤) سورة يس الآية ٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>