وقال عليه الصلاة والسلام: «بلغوا عني ولو آية (١) » . وقد هيأ الله في هذا العصر من أسباب الاتصال بجميع العالم ما هو معلوم، الأمر الذي يجعل الدعوة إلى الله متيسرة، وجلالتكم في هذا العصر هو المسئول الأول عن إبلاغ أمر الله إلى عباده، ولا شك أنها مسئولية خطيرة تحتاج منكم إلى جهود عظيمة وصبر ومصابرة.
وبمناسبة قرب زمن الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لقيام هيئة الأمم في شهر يونيو القادم، ودعوة ملوك ورؤساء الدول الأعضاء في المنظمة إلى إلقاء كلمات في الجلسة التذكارية لها، لذلك فإني أهيب بهمة جلالتكم أن تشمروا عن ساعد الجد، وتنتهزوا هذه الفرصة الثمينة بالدعوة إلى الإسلام، وتحكيم شريعته في هذا الاجتماع الذي سوف يضم أكثر رؤساء دول العالم الإسلامي وغيرهم، وأن تبينوا لهم محاسن الإسلام، وأنه دين الحق، وأنه الدين الكامل الصالح لكل عصر وأوان، والمشتمل على مصالح الدنيا والآخرة، وأنه دين السعادة والفلاح، وأنه السبيل الوحيد لإنقاذ البشرية الحائرة التائهة في خضم أمواج الظلم والطغيان ودياجر الجهل والضلال إلى شاطئ السلامة والأمان، وهو السبيل الوحيد لحل مشاكلها وإفهام الجميع بأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس جميعا، وأن من أجابه دخل الجنة ومن أبى دخل النار. وفي ذلك إقامة الحجة عليهم وبراءة للذمة من تبعة السكوت عن البلاغ.
وإني لأرجو لجلالتكم بذلك الرفعة والعزة والسؤدد في الدنيا، والفوز ورفع الدرجات في الجنة.
ولمحبة الخير لكم وللمسلمين وغيرهم والمناصحة في الحق والتعاون على البر والتقوى والرغبة في انتشار الدعوة الإسلامية وإبلاغها لعموم الناس - رأيت أن أذكركم بهذا الأمر العظيم وجلالتكم من أعلم الناس بالواقع وما أصاب العالم اليوم من فساد وانحلال وحيرة وقلق وإلحاد وانحراف.
فأرجو أن يكون هذا الأمر موضع الاهتمام والتنفيذ وأسأل الله أن يصلحكم ويصلح بكم ويهديكم ويهدي بكم، وأن يعلي ذكركم في الدنيا والآخرة، وأن ينفع بكم
(١) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٦١) ، سنن الترمذي العلم (٢٦٦٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٥٩) ، سنن الدارمي المقدمة (٥٤٢) .