للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (١) وأهل الأيمان لا تشغلهم الشدائد عن الحق بل يلزمون الحق في الشدة والرخاء.

والثاني: ذكر الله جل وعلا: ذكر الله بالقلب واللسان والعمل بالقلب؛ تعظيما له سبحانه ومحبة له وخوفا منه، وثقة به وإخلاصا له. واعتمادا عليه سبحانه وتعالى، وإيمانا بأنه الناصر والنصر من عنده، كما قال سبحانه: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} (٢) وإنما الأسباب تعين على ذلك، فما شرع الله من إعداد وسلاح وغير ذلك من الأسباب كلها تعين على ذلك، وهي بشرى من عند الله، كما قال الله عندما أمد رسوله صلى الله عليه وسلم بالملائكة: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٣) وفي آية آل عمران: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (٤)

فالمؤمن عند الشدائد يذكر الله ويعظمه، ويعلم أنه الناصر، وأنه الضار النافع، وأن بيده كل شيء، فبيده سبحانه الضر والنفع، وبيده سبحانه العز والنصر، وبيده جل وعلا تصريف الأمور، لا يغيب عن علمه شيء، ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى. وعلق على ذلك الفلاح فقال عز من قائل: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٥) فبذكر الله بالقلب واللسان والعمل: الفلاح والظفر والخير كله. فالمؤمنون في الشدة والرخاء يلزمون ذكر الله وتعظيمه، والإخلاص له، وإقامة حقه، وترك معصيته، فيذكرون الله بإقامة الصلوات، والمحافظة عليها، وحفظ الجوارح عما حرم اللهو وحفظ اللسان عما حرم الله، وذلك بأداء الحقوق والكف عما حرم الله، إلى غير ذلك مما يرضيه سبحانه ويباعد عن غضبه.


(١) سورة آل عمران الآية ٢٠٠
(٢) سورة الأنفال الآية ١٠
(٣) سورة الأنفال الآية ١٠
(٤) سورة آل عمران الآية ١٢٦
(٥) سورة الأنفال الآية ٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>