فالعدو إذا كان في مصلحتنا وضد عدونا فلا حرج علينا أن نستعين به ضد عدونا، وفي مصلحتنا، حتى يخلصنا الله من عدونا ثم يرجع عدونا إلى بلاده. ومن عرف هذه الحقيقة وعرف حال الظالم وغشمه وما يخشى منه من خطر عظيم وعرف الأدلة الشرعية اتضح له الأمر.
ولهذا درس هيئة كبار العلماء هذا الحادث، وتأملوه من جميع الوجوه وقرروا أنه لا حرج فيما فعلت الدولة من هذا الاستنصار للضرورة إليه، وشدة الحاجة إلى إعانتهم للمسلمين، وللخطر العظيم الذي يهدد البلاد لو استمر هذا الظالم في غشمه واجتياحه للبلاد، وربما ساعده قوم آخرون وتمالئوا معه على الباطل.
فالأمر في هذا جلل وعظيم، ولا يفطن إليه إلا من نور الله بصيرته، وعرف الحقائق على ما هي عليه، وعرف غشم الظالم، وما عنده من القوة التي نسأل الله أن يجعلها ضده، وأن يهلكه ويكبته، وأن يكفينا شره وشر كل الأعداء، وأن يولي على العراق رجلا صالحا يحكم فيه بشرع الله، وينفذ في شعبه أمر الله، كما نسأله سبحانه أن يقيهم شر هذا الحاكم الظالم العنيد الذي عذبهم وآذاهم وعذب المسلمين وأحدث هذه الفتنة، وجر المسلمين إلى خطر عظيم.
نسأل الله أن يعامله بعدله، وأن يقضي عليه، وأن يريح المسلمين من فتنته، وأن يجعل العاقبة الحميدة لعباده المسلمين، وأن يرد المظلومين إلى بلادهم، وأن يصلح حالهم، وأن يقيم فيهم أمر الله، وأن يقينا وإياهم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وقد رأيت أن أبسط القول في هذه المسألة لإيضاح الحق، وبيان ما يجب أن يعتقد في هذا المقام، وبيان صحة موقف الدولة فيما فعلت؛ لأن أناسا كثيرين التبس عليهم الأمر في هذه الحالة، وشكوا في حكم الواقع وجوازه بسبب الضرورة والحاجة الشديدة؛ لأنهم لم يعرفوا الواقع كما ينبغي، ولعظم خطر هذا الظالم الملحد - أعني حاكم العراق - صدام حسين.
ولهذا اشتبه عليهم هذا الأمر، وظنوا واعتقدوا صحة ما فعله لجهلهم، ولالتباس