للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب أن لا ننسى ما حدث للنبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة يوم الأحزاب وهم خير أناس، فقد تجمعت عليهم الأحزاب الكافرة، وجاءتهم من فوقهم ومن أسفل منهم بقوة قوامها عشرة آلاف مقاتل، وحاصروا المدينة، وقال أهل النفاق: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} (١) هكذا ذكر الله عنهم سبحانه في سورة الأحزاب في قوله عز وجل: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} (٢) حتى نصر الله نبيه، وأرسل الرياح التي أكفأت قدورهم، وقلعت خيامهم، وشردتهم كل مشرد، فرجعوا خائبين، والحمد لله بعد الشدة العظيمة التي وقعت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -.

وهكذا يوم أحد حين تجمع الكفار، وأغاروا على المدينة، وحاصروها، وجرى ما جرى من جرح وقتل من قتل من الصحابة حتى أنزل الله نصره وتأييده، وسلم الله المسلمين وأدار على أعدائه دائرة السوء، ورجعوا إلى مكة صاغرين، وأنجى الله نبيه بعدما قتل سبعون من الصحابة، وجرح النبي وجماعة كثيرة من أصحابه، واجتهد المشركون في قتله فوقاه الله شرهم.

ولما استنكر المسلمون هذا الحدث، قال الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} (٣) يعني (يوم بدر) {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} (٤) ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو والمسلمون أصابهم ما أصابهم يوم أحد بسبب أمر فعله الرماة الذين أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسكوا ثغرا، وهو جبل الرماة، ولا يتركوه حتى لا يدخل منه جيش العدو، فلما رأى الرماة أن العدو قد انكشف وانهزم ظنوا أنها الفيصلة، فتركوا الثغر وصاروا يجمعون الغنيمة، وتركوا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- فدخل العدو من ذلك الثغر، وحصل ما حصل من الهزيمة والمصيبة العظيمة على المسلمين، فأنزل الله قوله: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} (٥) يعني تقتلونهم


(١) سورة الأحزاب الآية ١٢
(٢) سورة الأحزاب الآية ١٢
(٣) سورة آل عمران الآية ١٦٥
(٤) سورة آل عمران الآية ١٦٥
(٥) سورة آل عمران الآية ١٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>