للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصر، حتى جاءه الصديق رضي الله عنه بعدما سقط رداؤه وقال: (حسبك يا رسول الله إن الله ناصرك إن الله مؤيدك) ، فإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل الناس وسيد ولد آدم يتضرع إلى الله فكيف بحالنا ونحن في أشد الضرورة إلى التوبة إلى الله، وإلى البكاء من خشيته، وإلى طلب النصر منه سبحانه وتعالى في ليلنا ونهارنا. فالغفلة شرها عظيم، والمعاصي خطرها كبير، فالواجب الإقلاع عنها والتوبة إلى الله سبحانه، فالذي عنده تساهل في الصلاة يجب أن يحافظ عليها ويبادر إليها ويصلي في الجماعة، والذي يتعامل بالربا يجب أن يترك ذلك، وأن يتوب إلى الله منه، والذي عنده عقوق لوالديه يتقي الله ويبر والديه، والقاطع لأرحامه يتقي الله ويصل أرحامه، والذي يشرب المسكر يتقي الله ويقلع عن ذلك، ويتوب إلى الله، والذي يغتاب الناس يحذر ذلك ويحفظ لسانه ويتقي الله.

وهكذا يحاسب كل إنسان نفسه في كل عيوبه ويتقي الله. وهكذا الموظف المقصر في وظيفته وفي أمانته يتقي الله، ويؤدي حق الله وحق عباده، وهكذا الرؤساء كل واحد منهم، سواء كان ملكا أو رئيس جمهورية أو وزيرا، كل واحد منهم عليه أن يحاسب نفسه لله، ويجاهدها لله، ويتوب إلى الله سبحانه من سيئ عمله. وهكذا كل موظف، وكل جندي، عليه أن يجاهد نفسه ويطيع الله ورسوله، ويطيع رئيسه في المعروف، ويتوب إلى الله من سيئات عمله وتقصيره.

وهذا كله من أسباب النصر والعاقبة الحميدة، فلا بد من الصدق مع الله وجهاد النفس والتوبة الصادقة من سائر الذنوب من الرؤساء والمرءوسين. ولا بد من الدعاء والضراعة إلى الله وطلبه النصر والتأييد والعون على العدو، وسؤال الله أن يخذل العدو ويرد كيده في نحرة، ولا بد مع ذلك من الأسباب الحسية، من قوة وجيش وسلاح كما قال سبحانه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (١)


(١) سورة الأنفال الآية ٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>