للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خان الأمانة هذا الطاغية- طاغية العراق - وكفر النعمة وأساء إلى جيرانه بعدما أحسنوا إليه وساعدوه في أوقاته الحرجة، ولكنه كفر النعمة وأساء الجوار وظلم وتعدى، وسوف يجد العاقبة الوخيمة.

يقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله به العقوبة من البغي وقطيعة الرحم (١) » وهذا قد بغى وظلم، والله جل وعلا يقول: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} (٢) ويقول سبحانه: {وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (٣) ولا مانع من أخذ الأسباب وقت الحرب، ولا مانع من كون المسلمين يتخذوا الأسباب التي تنفعهم في وقت الحرب، فهم مأمورون بأخذ الأسباب في جميع الأمور، كما أنهم مأمورون بأخذ السلاح والإعداد للعدو، فهم مأمورون أيضا بالأسباب الأخرى كحاجتهم وحاجات بيوتهم من الطعام والزاد وغير ذلك.

كل ذلك مأمورون به ولا حرج فيه، لكن مع حسن ظنهم بالله ومع الاستقامة على دينه ومع التوبة إليه سبحانه من جميع الذنوب، هذا هو الواجب على الجميع، والأسباب هم مأمورون بها وهي حق ولكنها من التوكل، والتوكل على الله واجب في جميع الأمور، وهو يشمل أمرين: -.

أحدهما: الثقة بالله والاعتماد عليه، والإيمان بأنه الناصر، وأنه مصرف الأمور، وأن بيده كل شيء سبحانه وتعالى.

والأمر الثاني: الأخذ بالأسباب من جميع الوجوه؛ لأن الله أمر بها، قال سبحانه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (٤) وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} (٥) وقال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} (٦) الآية، وقد لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد درعين، وأخذ بالأسباب يوم الخندق، وهكذا يوم الفتح، كل هذا من باب


(١) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٥١١) ، سنن أبو داود الأدب (٤٩٠٢) ، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢١١) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٣٦) .
(٢) سورة الفرقان الآية ١٩
(٣) سورة الشورى الآية ٨
(٤) سورة الأنفال الآية ٦٠
(٥) سورة النساء الآية ٧١
(٦) سورة النساء الآية ١٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>