قال في التنقيح: ومستلم ثقة، وخبيب بن عبد الرحمن أحد الثقات الأثبات. والله أعلم.
ثم قال الزيلعي: حديث آخر: روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن سعيد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى إذا خلف ثنية الوداع نظر وراءه فإذا كتيبة حسناء، فقال: من هؤلاء؟ قالوا: هذا عبد الله بن أبي ابن سلول ومواليه من اليهود وهم رهط عبد الله بن سلام، فقال: هل أسلموا؟ قالوا: لا إنهم على دينهم، قال: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين» انتهى.
ورواه الواقدي في كتاب المغازي، ولفظه فقال:«من هؤلاء؟ قالوا: يا رسول الله هؤلاء حلفاء ابن أبي من يهود فقال عليه السلام: لا ننتصر بأهل الشرك على أهل الشرك» انتهى.
قال الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ: وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة فذهب جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين، ومنهم أحمد مطلقا، وتمسكوا بحديث عائشة المتقدم، وقالوا: إن ما يعارضه لا يوازيه في الصحة، فتعذر ادعاء النسخ.
وذهبت طائفة إلى أن للإمام أن يأذن للمشركين أن يغزوا معه ويستعين بهم بشرطين:
أحدهما: أن يكون بالمسلمين قلة بحيث تدعو الحاجة إلى ذلك.
والثاني: أن يكونوا ممن يوثق بهم في أمر المسلمين، ثم أسند إلى الشافعي أن قال: الذي روى مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم رد مشركا أو مشركين وأبى أن يستعين بمشرك كان في غزوة بدر. ثم إنه عليه السلام: استعان في غزوة خيبر بعد بدر بسنتين بيهود من بني قينقاع واستعان في غزوة حنين سنة ثمان بصفوان بن أمية وهو مشرك فالرد الذي في حديث مالك إن كان لأجل أنه مخير في ذلك بين أن يستعين به وبين أن يرده، كما له رد المسلم لمعنى يخافه فليس واحد من الحديثين مخالفا للآخر، وإن كان لأجل أنه مشرك فقد نسخه ما بعده من استعانته بالمشركين.