للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شريعة الله، بل يجب عليهم أن يحكموا شرع الله في كل شيء، فيما يتعلق بالعبادات وفيما يتعلق بالمعاملات، وفي جميع الشئون الدينية والدنيوية؛ لكونها تعم الجميع، ولأن الله سبحانه يقول: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (١) ويقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (٢) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٣) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٤) فهذه الآيات عامة لجميع الشئون التي يتنازع فيها الناس ويختلفون فيها، ولهذا قال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} (٥) يعني الناس من المسلمين وغيرهم {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} (٦) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، وذلك بتحكيمه صلى الله عليه وسلم حال حياته وتحكيم سنته بعد وفاته، فالتحكيم لسنته هو التحكيم لما أنزل من القرآن والسنة: {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (٧) أي فيما تنازعوا فيه، هذا هو الواجب عليهم أن يحكموا القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم، في حياته وبعد وفاته باتباع سنته التي هي بيان القرآن الكريم وتفسير له ودلالة على معانيه.

أما قوله سبحانه {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٨) فمعناه أنه يجب أن تنشرح صدورهم لحكمه، وألا يبقى في صدروهم حرج مما قضى بحكمه عليه الصلاة والسلام؛ لأن حكمه هو الحق الذي لا ريب فيه وهو حكم الله عز وجل، فالواجب التسليم له وانشراح الصدر بذلك وعدم الحرج، بل عليهم أن يسلموا لذلك تسليما كاملا رضا بحكم الله واطمئنانا إليه، هذا هو الواجب على جميع المسلمين فيما شجر بينهم من دعاوى وخصومات، سواء كانت متعلقة بالعبادات أو بالأموال أو بالأنكحة أو الطلاق أو بغيرها من شئونهم. .

وهذا الإيمان المنفي هو أصل الإيمان بالله ورسوله بالنسبة إلى تحكيم الشريعة والرضا بها والإيمان بأنها الحكم بين الناس، فلا بد من هذا، فقد زعم أنه يجوز الحكم بغيرها أو قال إنه يجوز أن يتحاكم الناس إلى الآباء أو إلى الأجداد أو إلى القوانين الوضعية التي وضعها الرجال، سواء كانت شرقية أو غربية - فمن زعم أن


(١) سورة المائدة الآية ٥٠
(٢) سورة المائدة الآية ٤٤
(٣) سورة المائدة الآية ٤٥
(٤) سورة المائدة الآية ٤٧
(٥) سورة النساء الآية ٦٥
(٦) سورة النساء الآية ٦٥
(٧) سورة النساء الآية ٦٥
(٨) سورة النساء الآية ٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>