للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم: وقال الآخر: اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أد إلي أجري فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لاتستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون (١) » . (٢)

في هذا الحديث موعظة وذكرى ودلالة على أن الله سبحانه على كل شيء قدير، وأنه سبحانه يبتلي عباده في السراء والضراء والشدة والرخاء ليمتحن صبرهم وشكرهم ويبين آياته لعباده وقدرته العظيمة، وهذا حديث صحيح، رواه مسلم والبخاري في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه عبرة وإرشاد إلى الضراعة إلى الله وإلى سؤاله عند الكرب والشدة، وأنه سبحانه قريب مجيب يسمع دعاء الداعي، ويجيب دعوته إذا شاء سبحانه وتعالى، وفيه دلالة على أن الأعمال الصالحات من أسباب تيسير الأمور وإزالة الشدائد وتفريج الكروب، وفيه دليل على أنه ينبغي للمؤمن إذا وقع في الشدة أن يضرع إلى الله ويفزع إليه، ويسأله، ويتوسل بأعماله الصالحة كإيمانه بالله ورسوله وتوحيده وإخلاص العبادة له، وكبر الوالدين وأداء الأمانة والعفة عن الفواحش.


(١) صحيح البخاري الإجارة (٢٢٧٢) ، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٧٤٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١١٦) .
(٢) اللفظ للبخاري، كتاب الإجارة ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>