للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} (١) {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (٢) وقال تعالى لنبيه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٣) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (٤)

والنسك: هو الذبح، ومعنى قوله {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (٥) أي من هذه الأمة؛ لأن إسلام كل نبي يكون قبل أمته، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا (٦) » وقال: «من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار (٧) » وقال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله من ذبح لغير الله (٨) » وقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (٩) » .

وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه (١٠) » فهذه الآيات والأحاديث - أيها المشايخ - تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده، وأنه سبحانه هو المستحق لجميع العبادات من الدعاء والاستغاثة والذبح والنذر والصلاة والصوم وغير ذلك من العبادات، وأن صرف ذلك أو شيء منه لغير الله شرك بالله وعبادة لغيره، وتدل الأحاديث المذكورة أنه لا يجوز اتخاذ المساجد على القبور ولا البناء عليها ولا تجصيصها، وما ذاك إلا لأن هذه الأعمال وسيلة إلى الغلو في الأموات وعبادتهم من دون الله، كما قد وقع ذلك من بعض جهال الناس. إذا علمتم ذلك فالواجب عليكم مساعدة الدعاة إلى الله والقيام معهم وحمايتهم ممن يريد التعدي عليهم؛ لأن ذلك من نصر دين الله، والجهاد في سبيله، والله سبحانه وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (١١) وقال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (١٢) {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (١٣)


(١) سورة الأحقاف الآية ٥
(٢) سورة الأحقاف الآية ٦
(٣) سورة الأنعام الآية ١٦٢
(٤) سورة الأنعام الآية ١٦٣
(٥) سورة الأنعام الآية ١٦٣
(٦) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٨٥٦) ، صحيح مسلم الإيمان (٣٠) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٤٣) ، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٩٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢٣٨) .
(٧) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٤٩٧) .
(٨) صحيح مسلم الأضاحي (١٩٧٨) ، سنن النسائي الضحايا (٤٤٢٢) ، مسند أحمد بن حنبل (١/١١٨) .
(٩) صحيح البخاري الصلاة (٤٣٦) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٢٩) ، سنن النسائي المساجد (٧٠٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/١٤٦) ، سنن الدارمي الصلاة (١٤٠٣) .
(١٠) صحيح مسلم الجنائز (٩٧٠) ، سنن الترمذي الجنائز (١٠٥٢) ، سنن النسائي الجنائز (٢٠٢٧) ، سنن أبو داود الجنائز (٣٢٢٥) ، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٥٦٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٣٩) .
(١١) سورة محمد الآية ٧
(١٢) سورة الحج الآية ٤٠
(١٣) سورة الحج الآية ٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>