للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: لا مانع من معاملته في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه اشترى من الكفار عباد الأوثان، واشترى من اليهود وهذه معاملة وقد توفي عليه الصلاة والسلام، ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله.

رابعا: في السلام، لا يبدأه بالسلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام (١) » خرجه مسلم في صحيحه وقال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم (٢) » فالمسلم لا يبدأ الكافر بالسلام، ولكن يرد عليه بقوله: (وعليكم) لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم (٣) » متفق على صحته، هذا من الحقوق المتعلقة بين المسلم والكافر، ومن ذلك أيضا حسن الجوار إذا كان جارا تحسن إليه ولا تؤذيه في جواره، وتتصدق عليه إذا كان فقيرا تهدي إليه وتنصح له فيما ينفعه؛ لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله فيه؛ ولأن الجار له حق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى طننت أنه سيورثه (٤) » متفق على صحته وإذا كان الجار كافرا كان له حق الجوار، وإذا كان قريبا وهو كافر صار له حقان: حق الجوار وحق القرابة، ومن المشروع للمسلم أن يتصدق على جاره الكافر وغيره من الكفار غير المحاربين من غير الزكاة. لقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (٥) وللحديث الصحيح «عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن أمها وفدت عليها بالمدينة في صلح الحديبية وهي مشركة تريد المساعدة، فاستأذنت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك هل تصلها؟ فقال: صليها (٦) » اهـ.

أما الزكاة فلا مانع من دفعها للمؤلفة قلوبهم من الكفار لقوله عز وجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} (٧) الآية، أما مشاركة الكفار في احتفالاتهم بأعيادهم فليس للمسلم أن يشاركهم في ذلك.


(١) صحيح مسلم السلام (٢١٦٧) ، سنن الترمذي الاستئذان والآداب (٢٧٠٠) .
(٢) صحيح البخاري الاستئذان (٦٢٥٨) ، صحيح مسلم السلام (٢١٦٣) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٣٠١) ، سنن أبو داود الأدب (٥٢٠٧) ، سنن ابن ماجه الأدب (٣٦٩٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢١٨) .
(٣) صحيح البخاري الاستئذان (٦٢٥٨) ، صحيح مسلم السلام (٢١٦٣) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٣٠١) ، سنن أبو داود الأدب (٥٢٠٧) ، سنن ابن ماجه الأدب (٣٦٩٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢١٨) .
(٤) سنن ابن ماجه الأدب (٣٦٧٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٤٥) .
(٥) سورة الممتحنة الآية ٨
(٦) صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (٢٦٢٠) ، صحيح مسلم الزكاة (١٠٠٣) ، سنن أبو داود الزكاة (١٦٦٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٥٥) .
(٧) سورة التوبة الآية ٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>