للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (١) وقال في حق النصارى {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (٣) » والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

فالواجب عليك الإقلاع عن جميع الذنوب والحذر منها والعزم على عدم العودة فيها مع الندم على ما سلف منها إخلاصا لله وتعظيما له وحذرا من عقابه، مع إحسان الظن به سبحانه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني (٤) » وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله (٥) » فاتق الله يا حمد، وأحسن ظنك بربك وتب إليه توبة صادقة إرضاء له سبحانه وإرغاما للشيطان، وأبشر بأنه سبحانه سيتوب عليك ويكفر سيئاتك الماضية إذا صدقت في التوبة، وهو سبحانه الصادق في وعده الرحيم بعباده.

أما الشهادة على مسمع عالم فليس ذلك بشرط، وإنما التوبة تكون بالإقرار بما جحدته، وبعملك ما تركت، فإذا كان الكفر بترك الصلاة فإن التوبة تكون بفعل الصلاة مستقبلا والندم على ما سلف والعزيمة على عدم العودة وليس عليك قضاء ما تركته من الصلوات؛ لأن التوبة تهدم ما كان قبلها. أما إن كنت تركت الشهادتين أو شككت فيهما فإن التوبة من ذلك تكون بالإتيان بهما ولو وحدك فتقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله) عن إيمان وصدق بأن الله معبودك الحق لا شريك له وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله إلى جميع الثقلين من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار.

أما الغسل فهو مشروع وقد أوجبه بعض العلماء على من أسلم بعد كفره الأصلي أو الردة، فينبغي لك أن تغتسل وذلك بصب الماء على جميع بدنك بنية الدخول في الإسلام والتوبة مما سلف من الكفر.

أما صلاة ركعتين بعد الغسل فلا تجب، ولكن يستحب لكل مسلم إذا تطهر الطهارة الشرعية أن يصلي ركعتين لأحاديث وردت في ذلك، وتسمى سنة الوضوء.

وأما قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} (٦) فليس


(١) سورة الشورى الآية ٢٥
(٢) سورة المائدة الآية ٧٤
(٣) صحيح مسلم الإيمان (١٢١) .
(٤) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٧٥) .
(٥) صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٧٧) ، سنن أبو داود الجنائز (٣١١٣) ، سنن ابن ماجه الزهد (٤١٦٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٣٤) .
(٦) سورة النساء الآية ١٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>