للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مال أو عرض، وإذا لم يتيسر استحلال أخيه من عرضه دعا له كثيرا وذكره بأحسن أعماله التي يعلمها عنه في المواضع التي اغتابه فيها، فإن الحسنات تكفر السيئات، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (١) فعلق عز وجل في هذه الآية الفلاح بالتوبة، فدل ذلك على أن التائب مفلح سعيد، وإذا أتبع التائب توبته بالإيمان والعمل الصالح محا الله سيئاته وأبدلها حسنات، كما قال سبحانه في سورة الفرقان لما ذكر الشرك والقتل بغير حق والزنا: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (٢) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (٣) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٤)

ومن أسباب التوبة الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله الهداية والتوفيق، وأن يمن عليك بالتوبة، وهو القائل سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (٥) وهو القائل عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (٦) الآية، ومن أسباب التوبة أيضا والاستقامة عليها صحبة الأخيار والتأسي بهم في أعمالهم الصالحة والبعد عن صحبة الأشرار، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل (٧) » وقال عليه الصلاة والسلام: «مثل الجليس الصالح كصاحب المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة (٨) » .


(١) سورة النور الآية ٣١
(٢) سورة الفرقان الآية ٦٨
(٣) سورة الفرقان الآية ٦٩
(٤) سورة الفرقان الآية ٧٠
(٥) سورة غافر الآية ٦٠
(٦) سورة البقرة الآية ١٨٦
(٧) سنن الترمذي الزهد (٢٣٧٨) ، سنن أبو داود الأدب (٤٨٣٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٣٤) .
(٨) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥٣٤) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٦٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>