للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهما قال: «نهى رسول صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه (١) » زاد الترمذي رحمه الله في روايته بإسناد صحيح: «وأن يكتب عليه (٢) » ، فهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، والصلاة فيها وإليها وتجصيصها ونحو ذلك من أسباب الشرك بأربابها، ويلحق بذلك وضع الستور عليها والكتابة عليها وإراقة الأطياب عليها وتبخيرها ووضع الزهور عليها؛ لأن هذا كله من وسائل الغلو فيها والشرك بأهلها، فالواجب على جميع المسلمين الحذر من ذلك، والتحذير منه، ولا سيما ولاة الأمر، فإن الواجب عليهم أكبر ومسئوليتهم أعظم؛ لأنهم أقدر من غيرهم على إزالة هذه المنكرات وغيرها، وبسبب تساهلهم وسكوت الكثيرين من المنسوبين إلى العلم كثرت هذه الشرور، وانتشرت في أغلب البلاد الإسلامية، ووقع بسببها الشرك والوقوع فيما وقعت فيه أهل الجاهلية الذين عبدوا اللات والعزى ومناة وغيرها، وقالوا كما ذكر الله عنهم في كتابه العظيم: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (٣) ، {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٤) وذكر أهل العلم أن القبر إذا وضع في مسجد وجب نبشه وإبعاده عن المسجد، وإن كان المسجد هو الذي حدث أخيرا بعد وجود القبر وجب هدم المسجد وإزالته؛ لأنه هو الذي حصل ببنائه المنكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من بناء المساجد على القبور ولعن اليهود والنصارى على ذلك، ونهى أمته عن مشابهتهم، وقال لعلي رضي الله عنه: «لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته (٥) » والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا ويمنحهم الفقه في دينهم ويصلح قادتهم ويجمع كلمتهم على التقوى، ويوفقهم للحكم بشريعته والحذر مما خالفها إنه جواد كريم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن سلك سبيله إلى يوم الدين.


(١) صحيح مسلم الجنائز (٩٧٠) ، سنن الترمذي الجنائز (١٠٥٢) ، سنن النسائي الجنائز (٢٠٢٧) .
(٢) سنن الترمذي الجنائز (١٠٥٢) ، سنن النسائي الجنائز (٢٠٢٧) ، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٥٦٣) .
(٣) سورة يونس الآية ١٨
(٤) سورة الزمر الآية ٣
(٥) صحيح مسلم الجنائز (٩٦٩) ، سنن الترمذي الجنائز (١٠٤٩) ، سنن النسائي الجنائز (٢٠٣١) ، سنن أبو داود الجنائز (٣٢١٨) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>