للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا الخادم جهودهم، وغضبوا من صوت دعاة الإسلام إذا دعوا إليه، وحذروا مما يخالفه أو يقف حجرا في طريقه.

لو كان دعاة القومية يريدون بدعوتهم إعلاء كلمة الإسلام، واجتماع العرب عليه، لنصحوا العرب ودعوهم إلى التمسك بتعاليم الإسلام، وتنفيذ أحكامه، ولشجعوهم على نصره ودعوة الناس إليه، فإن العرب أولى الناس بأن ينصروا الإسلام، ويحموه من مكائد الأعداء، ويحكموه فيما شجر بينهم، كما فعل أسلافهم؛ لأنه عزهم وذكرهم ومجدهم، كما قال الله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (١) وقال {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٢) {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (٣) وإذا عرفت أيها القارئ ما تقدم، فاعلم أن هذه الدعوة: أعني الدعوة إلى القومية العربية، أحدثها الغربيون من النصارى، لمحاربة الإسلام والقضاء عليه في داره، بزخرف من القول، وأنواع من الخيال، وأساليب من الخداع، فاعتنقها كثير من العرب من أعداء الإسلام، واغتر بها كثير من الأغمار ومن قلدهم من الجهال، وفرح بذلك أرباب الإلحاد وخصوم الإسلام في كل مكان. ومن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن الدعوة إلى القومية العربية أو غيرها من القوميات، دعوة باطلة وخطأ عظيم، ومنكر ظاهر، وجاهلية وكيد سافر للإسلام وأهله، وذلك لوجوه:

الأول: أن الدعوة إلى القومية العربية تفرق بين المسلمين، وتفصل المسلم العجمي عن أخيه العربي، وتفرق بين العرب أنفسهم؛ لأنهم كلهم ليسوا يرتضونها، وإنما يرضاها منهم قوم دون قوم، وكل فكرة تقسم المسلمين وتجعلهم أحزابا فكرة باطلة، تخالف مقاصد الإسلام وما يرمي إليه؛ وذلك لأنه يدعو إلى الاجتماع والوئام، والتواصي بالحق والتعاون على


(١) سورة الأنبياء الآية ١٠
(٢) سورة الزخرف الآية ٤٣
(٣) سورة الزخرف الآية ٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>