للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} (١) فيدخل في هذا الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر ما أمر الله به ورسوله، كما يدخل في ذلك من باب أولى توحيد الله والإيمان به والإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام، وتصديق أخبار الله ورسوله كلها داخلة في قوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} (٢) كما أنها داخلة في قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} (٣) فالصبر والتقوى يشتمل على فعل جميع الأوامر وترك النواهي.

وهكذا قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (٤) يشمل فعل الأوامر وترك النواهي، فإن هذا هو النصر لله بفعل أوامره وترك نواهيه عن إيمان وعن إخلاص لله وتوحيد له سبحانه وإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم، لا عن مجرد شجاعة وحمية، ولا ليقال إنه كذا وكذا، ولا لمقصد آخر غير اتباع الشرع، فالنصر لدين الله يكون بطاعة الله وتعظيمه والإخلاص له والرغبة فيما عنده سبحانه وتعالى والعمل بشريعته يريد ثوابه وإقامة دينه، فمن كان بهذه الصفة فهو من المؤمنين الذين قال الله فيهم: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (٥) ويقول فيهم جل وعلا: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (٦) {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} (٧) يعني بذلك العاقبة الوخيمة وهي اللعنة وسوء الدار، فالعاقبة الوخيمة هي النار والطرد من رحمة الله؛ لأنهم لم ينصروا الله ولم ينصروا دينه، فالظالمون لا تنفعهم المعاذير


(١) سورة آل عمران الآية ١٢٠
(٢) سورة آل عمران الآية ١٢٠
(٣) سورة الحج الآية ٤١
(٤) سورة محمد الآية ٧
(٥) سورة محمد الآية ٧
(٦) سورة غافر الآية ٥١
(٧) سورة غافر الآية ٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>