للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ولو كانوا في الصلاة، فلا يجوز أن يقول المجاهد أنا مؤمن ويكفي، بل لا بد من الأسباب الحسية المعنوية، فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفضل المؤمنين وأكمل المتوكلين، والصحابة أفضل المؤمنين بعد الأنبياء، ومع هذا كله أصابهم ما أصابهم يوم أحد لما أخل الرماة بالشيء الذي يجب عليهم وأخلوا بالموقف الذي أمروا بلزومه.

فالمعاصي من أسباب الخذلان، كما أن معصية الرماة سبب الهزيمة يوم أحد، وهكذا المعاصي كلها في كل وقت من أسباب الخذلان إذا ظهرت ولم تنكر تكون من أسباب الخذلان وتسليط الأعداء، وحصول الكثير من المصائب، كما أنها من أسباب قسوة القلب وانتكاسه نعوذ بالله من ذلك، قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (١) وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (٢)

فالمعصية إذا ظهرت ضرت العامة إذا لم تنكر ولم تغير. فالمؤمنون مأمورون بالاستقامة على تقوى الله والجهاد لأعداء الله، وأن يصبروا على التقوى والعمل الصالح أينما كانوا مع الإيمان بأن الله سبحانه سوف ينصرهم ويمكنهم من عدوهم، ويجعلهم بعد خوفهم في أمن وعافية وبعد القلق في استقرار وراحة بسبب إيثارهم حقه ونصرهم دينه وتعاونهم على البر والتقوى وصدقهم في ذلك ونصحهم لله ولعباده، ومتى أخلوا بشيء فليعلموا أنه خطر عليهم،


(١) سورة الشورى الآية ٣٠
(٢) سورة الحديد الآية ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>