للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العداوة والشحناء في القلوب، والتفريق بين القبائل والشعوب. قال شيخ الإسلام: ابن تيمية رحمه الله: (كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة، فهو من عزاء الجاهلية، بل «لما اختصم مهاجري وأنصاري، فقال المهاجري: يا للمهاجرين، وقال الأنصاري: يا للأنصار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم! ، وغضب لذلك غضبا شديدا (١) » انتهى.

ومما ورد في ذلك من النصوص قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (٢) وقال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} (٣)

وفي سنن أبي داود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية (٤) » وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد (٥) » ولا ريب أن دعاة القومية يدعون إلى عصبية ويغضبون لعصبية ويقاتلون على عصبية، ولا ريب أيضا أن الدعوة إلى القومية تدعو إلى البغي والفخر؛ لأن القومية ليست دينا سماويا يمنع أهله من البغي والفخر، وإنما هي فكرة جاهلية تحمل أهلها على الفخر بها والتعصب لها على من نالها بشيء، وإن كانت هي الظالمة وغيرها المظلوم، فتأمل أيها القارئ ذلك يظهر لك وجه الحق.

ومن النصوص الواردة في ذلك ما رواه الترمذي وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله قد أذهب عنكم عصبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى (٦) » وهذا الحديث يوافق قوله تعالى:


(١) صحيح البخاري المناقب (٣٥١٨) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٨٤) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٣١٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٩٣) .
(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٣
(٣) سورة الفتح الآية ٢٦
(٤) سنن أبو داود الأدب (٥١٢١) .
(٥) صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٦٥) ، سنن أبو داود الأدب (٤٨٩٥) ، سنن ابن ماجه الزهد (٤١٧٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/١٦٢) .
(٦) سنن الترمذي المناقب (٣٩٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>