للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله لهم في ذلك التوفيق والهداية وبلوغ الغاية.

ومن أعرض عن الفقه في الدين فذلك من العلامات على أن الله ما أراد به الخير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به (١) » .

فالعلماء الذين وفقوا لحمل هذا العلم طبقتان: إحداهما حصلت العلم ووفقت للعمل به، والتفقه فيه، واستنبطت منه الأحكام، فصاروا حفاظا وفقهاء، نقلوا العلم وعلموه الناس وفقهوهم فيه، وبصروهم ونفعوهم، فهم ما بين معلم ومقرئ، وما بين داع إلى الله عز وجل، ومدرس للعلم، إلى غير ذلك من وجوه التعليم والتفقيه.

أما الطبقة الثانية فهم الذين حفظوه ونقلوه لمن فجر ينابيعه، واستنبط منه الأحكام، فصار للطائفتين الأجر العظيم، والثواب الجزيل، والنفع العميم للأمة. وأما أكثر الخلق فهم كالقيعان التي لا تمسك ماء، ولا تنبت


(١) صحيح البخاري العلم (٧٩) ، صحيح مسلم الفضائل (٢٢٨٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>