أمامه الدنيا، ويفتي على بصيرة، ويدعو إلى الله على بصيرة، ويعلم الناس على بصيرة، ويأمر بالمعروف على بصيرة، وينهى عن المنكر على بصيرة، كما قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}(١) وقد فسرت البصيرة بالعلم.
أما من ليس له بصيرة، فلا يعد من أهل العلم، ولا ينفع الناس، لا في دعوة ولا في غيرها من جهة أمور الدين، أعني النفع الحقيقي المثمر، وإن كان قد ينفع بعض الناس بنصيحة يعرفها، أو مسألة يحفظها، أو مساعدة مادية يقدمها. ولكن النفع الحقيقي من طالب العلم، يترتب على صدقه وإخلاصه، وعلى كثرة علمه. وتمكن فقهه، وعلى صبره ومصابرته.
وهناك مسألة مهمة، وهي المسئولية الملقاة على طالب العلم من جهة البلاغ والتعليم للناس، فإن العلماء هم خلفاء الرسل، وهم ورثتهم، ولا يخفى مرتبة الرسل، وأنهم هم القادة. وهم الهداة للأمة، وهم أسباب سعادتها ونجاتها، فالعلماء حلوا محلهم، ونزلوا منزلتهم في البلاغ والتعليم؛ لأنهم ختموا بمحمد عليه الصلاة والسلام، فلم يبق إلا البيان والتبليغ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، والدعوة إليها وبيانها ونشرها بين الناس، وليس لذلك أهل إلا أهل العلم، هم الذين أهلهم الله لهذا الأمر دعاة وقادة بأقوالهم وأفعالهم وسيرتهم الظاهرة والباطنة.
فواجبهم عظيم، والخطر عليهم عظيم، والأمة في ذمتهم؛ لأنها