للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخفق فيهما جميعا، وهكذا شأن المصلحين والأطباء المبرزين، يهتمون بطرق الإصلاح ويسلكون أنجعها وأقربها إلى النتيجة المرضية، وإذا لم يستطيعوا تحصيل المصلحتين أو المصالح، أو تعطيل المفسدتين، اهتموا بالأهم من ذلك واشتغلوا به دون غيره، ومن تأمل قواعد الشرع وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وسيرة خلفائه الراشدين والأئمة الصالحين، علم ما ذكرته، وعرف كيف يقوم بإرشاد الناس، وكيف ينتشلهم من أدوائهم إلى شاطئ السلامة، ومن صحت نيته وبذل وسعه في معرفة الحق، وطلب من مولاه الهداية إلى خير الطرق، وأنجعها في الدعوة، واستشار أهل العلم والتجارب فيما أشكل عليه، فاز بالنجاح وهدي إلى الصواب، كم قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (١)

الجواب الرابع: نصيحتي لجميع القراء هي: أن يأخذوا بوصية الله سبحانه التي أوصى بها في كتابه الكريم حيث يقول: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (٢) والتقوى كما يعلم القارئ الكريم كلمة جامعة، حقيقتها: أن يتقي العبد غضب الرب وعذابه، بفعل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، عن علم وإيمان وإخلاص ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يفوز بالسعادة وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة، ومما أنصح به القراء وهو من جملة التقوى، التثبت في الأمور، والتريث في الحكم عليها، إلا بعد دراستها من جميع نواحيها، وبعد التحقق من معناها ومعرفته معرفة تامة بعرض ذلك المعنى على الميزان الشرعي وهو كتاب الله، وما صح من السنة، فما وافق ذلك الميزان قبل، وما خالفه ترك، ويجب أن يكون القارئ في دراسته للأشياء، وعرضه لها على الميزان المذكور، بعيدا كل البعد عن الإفراط


(١) سورة العنكبوت الآية ٦٩
(٢) سورة النساء الآية ١٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>