للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجب على أهل العلم: خلفاء الرسل: أن يبينوا للناس هذا الأمر العظيم، وأن يكون أعظم المطلوب، وأن تكون العناية به أعظم عناية؛ لأنه متى أسلم صار ما بعده تابعا له، ومتى لم يوجد التوحيد لم ينفع المكلف ما حصل من أعمال وأقوال، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١) وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (٢) وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٣) في آيات كثيرات.

ويؤيد هذا المعنى أنه عليه الصلاة والسلام مكث بمكة عشر سنين، يدعو الناس إلى توحيد الله، قبل أن تفرض عليه الصلاة وغيرها، كلها دعوة إلى توحيد الله وترك الشرك وخلع الأوثان، وبيان أن الواجب على جميع الثقلين: أن يعبدوا الله وحده، ويدعوا ما عليه آباؤهم وأسلافهم من الشرك.

ولهذا سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان بن حرب في أيام الهدنة، وكان أبو سفيان في وفد من قريش في تجارة بفلسطين، وصادف مجيء هرقل إلى القدس، فقيل له عنهم، فأمر بإحضارهم لسؤالهم عما يعلمون عن هذا النبي الذي بلغه خبره، وكان ذلك في وقت الهدنة، وعلى رأسهم أبو سفيان بن حرب، فسألهم عنه، وعن قوله: إنه نبي؟!.

فأمر بأبي سفيان، فأجلسه أمامه، وأجلسوا أصحابه خلفه، وقال لترجمانه: قل لهم: إني سائله فإن كذب فليكذبوه.

فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أشياء كثيرة معروفة في البخاري وغيره، ومما سأل عنه أن سألهم: عما يدعوهم إليه؟.


(١) سورة الأنعام الآية ٨٨
(٢) سورة الفرقان الآية ٢٣
(٣) سورة الزمر الآية ٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>