للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن شفاءه لما في الصدور أعظم الشفائين وأهمهما، ومع ذلك فأكثر الناس لم يشف صدره بالقرآن ولم يوفق للعمل به، كما قال سبحانه في سورة سبحان: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (١) وذلك بسبب إعراضهم عنه وعدم قبول الدعوة إليه.

وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة يعالج المجتمع بالقرآن ويتلوه عليهم ويدعوهم إلى العمل به، فلم يقبل ذلك إلا القليل، كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢) وقال سبحانه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (٣) فالقرآن شفاء للقلوب والأبدان، ولكن لمن أراد الله هدايته، وأما من أراد الله شقاوته فإنه لا ينتفع بالقرآن ولا بالسنة ولا بالدعاة إلى الله سبحانه؛ لما سبق في علم الله من شفائه وعدم هدايته، كما قال سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (٤) وقال سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} (٥) الآية، وقال سبحانه: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} (٦) {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} (٧) {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (٨) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٩) والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهكذا الأحاديث الصحيحة.


(١) سورة الإسراء الآية ٨٢
(٢) سورة سبأ الآية ٢٠
(٣) سورة يوسف الآية ١٠٣
(٤) سورة الأنعام الآية ٣٥
(٥) سورة يونس الآية ٩٩
(٦) سورة التكوير الآية ٢٦
(٧) سورة التكوير الآية ٢٧
(٨) سورة التكوير الآية ٢٨
(٩) سورة التكوير الآية ٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>