للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدماء بما شرع من الحدود والقصاص والجهاد الشرعي الصادق، فهو سلم وإسلام وأمن وإيمان، ولهذا قال جل وعلا: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (١) أي ادخلوا في جميع شعب الإيمان: لا تأخذوا بعضا وتدعوا بعضا، عليكم أن تأخذوا بالإسلام كله {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} (٢) يعني المعاصي التي حرمها الله عز وجل، فإن الشيطان يدعو إلى المعاصي وإلى ترك دين الله كله، فهو أعدا عدو، ولهذا يجب على المسلم أن يتمسك بالإسلام كله، وأن يدين بالإسلام كله، وأن يعتصم بحبل الله عز وجل، وأن يحذر أسباب الفرقة والاختلاف في جميع الأحوال، فعليك أن تحكم شرع الله في العبادات وفي المعاملات، وفي النكاح والطلاق، وفي النفقات وفي الرضاع، وفي السلم والحرب، ومع العدو والصديق، وفي الجنايات وفي كل شيء، دين الله يجب أن يحكم في كل شيء، وإياك أن توالي أخاك لأنه وافقك في كذا، وتعادي الآخر لأنه خالفك في رأي أو في مسألة، فليس هذا من الإنصاف، فالصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في مسائل، ومع ذلك لم يؤثر ذلك في الصفاء بينهم، والموالاة والمحبة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالمؤمن يعمل بشرع الله، ويدين بالحق، ويقدمه على كل أحد بالدليل، ولكن لا يحمله ذلك على ظلم أخيه، وعدم إنصافه إذا خالفه في الرأي في مسائل الاجتهاد التي قد يخفى دليلها، وهكذا في المسائل التي قد يختلف في تأويل النص فيها، فإنه قد يعذر، فعليك أن تنصح له وأن تحب له الخير، ولا يحملك ذلك على العداء والانشقاق، وتمكين العدو منك ومن أخيك ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإسلام دين العدالة ودين الحكم بالحق والإحسان، دين المساواة إلا فيما استثنى الله عز وجل، ففيه الدعوة إلى كل خير، وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والإنصاف والعدالة والبعد عن كل خلق ذميم، قال تعالى:


(١) سورة البقرة الآية ٢٠٨
(٢) سورة البقرة الآية ١٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>