للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يتأثر بهذه الأشياء، ولا يتعلق بها، ولا ترده عن حاجته، فإذا ردته عن حاجته وقع في الشرك وشابه أهل الجاهلية، بل على المسلم أن يتوكل على الله عز وجل.

والتوكل على الله عز وجل يتضمن أمرين:

أحدهما: الاعتماد على الله تعالى، والإيمان بأنه لا يقع شيء في الوجود إلا بمشيئته وقدره.

الثاني: الأخذ بالأسباب الشرعية والمباحة في علاج ما ينزل به من الحوادث فيجمع بين الأمرين: الإيمان بالقدر، وفعل الأسباب.

فالمسلم يعلم أن المرض بإذن الله سبحانه وتعالى، ولكن يعالجه بالأسباب الشرعية والأدوية المباحة، كما يعالج الظمأ بالشرب، ويعالج الجوع بالأكل، ويعالج الخوف بأسباب الأمن، ويعالج أخطار السرقة بإغلاق بابه، وما أشبه ذلك.

وكذلك في البرد يستدفئ بالنار وبالملابس، وهو مع هذا يؤمن بأن كل شيء بيد الله جل وعلا؛ ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان (١) » أخرجه مسلم في الصحيح (٢) .

فالمسلم يعالج مريضه ويأخذ بالأسباب، فإذا مات له ميت احتسب وقال: " إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل "، ولا يقول: لو أني سافرت إلى بلاد كذا لكان كذا، وكذلك عليه أن يبيع


(١) صحيح مسلم القدر (٢٦٦٤) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٧٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٧٠) .
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي (١٦ \ ١٧٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>