للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنازع أهل العلم في أمور أخرى أهمها القياس، والجمهور على أنه أصل رابع إذا استوفى شروطه المعتبرة.

أما السنة فلا نزاع ولا خلاف على أنها أصل مستقل، وأنها هي الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأن الواجب على جميع المسلمين، بل على جميع الأمة: الأخذ بها، والاعتماد عليها، والاحتجاج بها إذا صح السند عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وقد دل على هذا المعنى آيات كثيرات، وأحاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما دل على هذا المعنى إجماع أهل العلم قاطبة على وجوب الأخذ بها، والإنكار على من أعرض عنها أو خالفها، وقد نبغت نابغة في صدر الإسلام أنكرت السنة: وهم الخوارج، فإن الخوارج كفروا كثيرا من الصحابة وغيرهم، وصاروا لا يعتمدون بزعمهم إلا على كتاب الله عز وجل؛ لسوء ظنهم بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتابعتهم الرافضة فقالوا: لا حجة إلا فيما جاء عن طريق أهل البيت فقط، وما سوى ذلك لا حجة فيه.

ونبغت نابغة بعد ذلك - ولا يزال هذا القول يذكر ما بين وقت وآخر - وتسمى هذه النابغة الأخيرة: (القرامطة) ، ويزعمون أنهم أهل القرآن، وأنهم يحتجون بالقرآن فقط، وأن السنة لا يحتج بها؛ لأنها إنما كتبت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة طويلة، ولأن الإنسان قد ينسى وقد يغلط، ولأن الكتب قد يقع فيها الغلط ... إلى غير ذلك مما قالوه من الترهات والخرافات، والآراء الفاسدة، وزعموا أنهم بذلك يحتاطون لدينهم فلا يأخذون إلا بالقرآن فقط، وقد ضلوا عن سواء السبيل، وكذبوا وكفروا بذلك كفرا أكبر بواحا، فإن الله عز وجل أمر بطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، واتباع ما جاء به، ولو كان رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتبع

<<  <  ج: ص:  >  >>