للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلوات، والزكاة، وتفصيل أحكام الزكاة، وتفصيل أحكام الرضاع، فليس في كتاب الله إلا عن الأمهات والأخوات من الرضاع، وجاءت السنة ببقية المحرمات بالرضاع، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (١) » ، وجاءت السنة بحكم مستقل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وجاءت بأحكام أخرى مستقلة لم تذكر في كتاب الله في أشياء كثيرة: في الجنايات، والديات، والنفقات، وأحكام الزكاة، والحج ... إلى غير ذلك.

ولما قال بعض الناس في مجلس عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه: دعنا من الحديث وحدثنا عن كتاب الله، غضب عمران رضي الله عنه وقال: لولا السنة كيف نعرف أن الظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، والعشاء أربع، والفجر ركعتان؟!

فالسنة بينت تفاصيل الصلاة، وتفاصيل الأحكام، ولم يزل الصحابة رضي الله عنهم يرجعون إلى السنة ويتحاكمون إليها، ويحتجون بها، ولما ارتد من ارتد من العرب قام الصديق رضي الله عنه فدعا إلى جهادهم، توقف عمر في ذلك وقال: كيف نقاتلهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها (٢) » ؟! قال الصديق رضي الله عنه: أليست الزكاة من حقها- من حق لا إله إلا الله - والله لو منعوني عناقا - أو قال: عقالا - كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه. فقال عمر: فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. ثم وافق المسلمون ووافق الصحابة كلهم، واجتمع رأيهم على قتال المرتدين بأمر الله ورسوله.


(١) صحيح البخاري الشهادات (٢٦٤٥) ، صحيح مسلم الرضاع (١٤٤٧) ، سنن النسائي النكاح (٣٣٠٦) ، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٣٨) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣٣٩) .
(٢) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٩٤٦) ، صحيح مسلم الإيمان (٢١) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٠٦) ، سنن النسائي تحريم الدم (٣٩٧١) ، سنن أبو داود الجهاد (٢٦٤٠) ، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٢٨) ، مسند أحمد بن حنبل (١/١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>