للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله أعرف كان منه أخوف، ومن أعظم علامات السعادة وأوضح الدلائل على أن الله أراد بالعبد خيرا أن يقبل على العلم الشرعي، وأن يكون فقيها في دينه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (١) » متفق على صحته.

وما ذاك إلا لأن الفقه في الدين يحفز العبد على القيام بأمر الله وخشيته، وأداء فرائضه، والحذر من مساخطه، ويدعوه إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنصح لله ولعباده، ومن أعظم الأسباب أيضا في بقاء العلم وزيادته والانتفاع به والاستقامة على الطاعة والحذر من المعاصي، وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه (٢) » وأبلغ من ذلك قوله سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (٣) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (٤) ولا شك أن نقص العلم أو نسيانه من أعظم المصائب.

فالواجب التحرز من أسباب ذلك وقد روي أن مالكا رحمه الله قال للإمام الشافعي لما جلس بين يديه لطلب العلم: (إني أرى الله سبحانه قد ألقى عليك من نوره فلا تطفئه بالمعاصي) وروي عن الشافعي رحمه الله أنه قال:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نور ... ونور الله لا يؤتاه عاصي

والآيات والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة، والعاقل ينتفع بأدنى إشارة. والله سبحانه ولي التوفيق.


(١) صحيح البخاري العلم (٧١) ، صحيح مسلم الإمارة (١٠٣٧) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٢١) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٩٣) ، موطأ مالك كتاب الجامع (١٦٦٧) ، سنن الدارمي المقدمة (٢٢٦) .
(٢) سنن ابن ماجه المقدمة (٩٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢٨٠) .
(٣) سورة الشورى الآية ٣٠
(٤) سورة الأنفال الآية ٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>