كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز

المجلد الثامن - القيام بالمسيرات في مواسم الحج في مكة المكرمة باسم البراءة من المشركين بدعة لا أصل لها - ج: 8 - ص: 168

وبعدها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال المشركين إذا لم يسلموا، كما قال الله عز وجل في سورة التوبة: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} (١) يعني: الأربعة التي أجلها لهم عليه الصلاة والسلام في أصح قولي أهل العلم في تفسير الأشهر المذكورة في هذه الآية. {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢)

هذا هو المشروع في أمر البراءة، وهو الذي أوضحته الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبينه علماء التفسير في أول تفسير سوره براءة: (التوبة) .

أما القيام بالمسيرات والمظاهرات في مواسم الحج في مكة المكرمة أو غيرها؛ لإعلان البراءة من المشركين فذلك بدعة لا أصل لها، ويترتب عليه فساد كبير وشر عظيم، فالواجب على كل من كان يفعله تركه، والواجب على الدولة وفقها الله منعه؛ لكونه بدعة لا أساس لها في الشرع المطهر، ولما يترتب على ذلك من أنواع الفساد والشر والأذى للحجيج وغيرهم، والله سبحانه يقول في كتابه الكريم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (٣) الآية، ولم يكن هذا العمل من سيرته عليه الصلاة والسلام، ولا من سيرة أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وقال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (٤) وقال عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٥)

---

(١) سورة التوبة الآية ٥
(٢) سورة التوبة الآية ٥
(٣) سورة آل عمران الآية ٣١
(٤) سورة الشورى الآية ٢١
(٥) سورة الحشر الآية ٧