للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأولياء كما يشهد به الواقع، وتدل عليه الأحاديث والآثار المعلومة في كتب السنة فتنبه واحذر. نعم، ينبغي للمسلمين أن يستعدوا لأعدائهم في إيجاد المصانع النافعة للمجتمع، واختراع الأسلحة المناسبة للعصر، لا تأسيا بالكفرة، ولكن طاعة لله ولرسوله، وتأسيا بالسلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم، ومن سلك سبيلهم، والأصل في ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} (١) وقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (٢) وقول النبي: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن (٣) » الحديث. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على أنه يجب على المسلمين أن يوجدوا بينهم من المصانع والأسلحة وأسباب العيش والحياة الكريمة ما يقوم بكفايتهم ويغنيهم عن الحاجة إلى غيرهم، ويعينهم على جهاد أعدائهم وحماية مصالحهم، والنصر لدينهم، واسترجاع أمجادهم السالفة، ومن عدوان من أرادهم أو أراد دينهم بسوء، هذا يا مصطفى أمين هو تعظيم الآثار لا ما أشرت إليه من الأبنية ونحوها والله المستعان.

ثانيا: يقول الكاتب مصطفى: والمعرفة لا تجعل التقوى في الضعف ولا في الخوف بل في العلم بسنة الكون والوقوف على أسراره، والاتصال بما دق وجل منه. إلخ، نعم لا ينبغي أن تجعل التقوى في الضعف والخوف والتأخر عن ميادين الإصلاح والنفع الخاص والعام، والنظر في سنن الكون والتبصر في حكمة الرب سبحانه فيما خلق وشرع بل يجب أن يكون أهل التقوى هم أشجع الناس على كل خير، وأكملهم عناية بكل إصلاح؛ لأن تقواهم لله سبحانه تقتضي منهم ذلك، ولكن كلام الكاتب يوهم أن التقوى تنحصر في العلم بسنة الكون، والوقوف على أسراره، والتأسي بمن بلغ في هذا الباب أقصى ما يمكنه من العناية، وليس الأمر كذلك، وإنما العلم بسنة


(١) سورة النساء الآية ٧١
(٢) سورة الأنفال الآية ٦٠
(٣) صحيح مسلم القدر (٢٦٦٤) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٧٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>