للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت أن أعلق على هذا المقال بما يوضح الحق ويكشف اللبس بالأدلة الشرعية والآثار السلفية، وأن أفصل القول فيما يحتاج إلى تفصيل، لأن التفصيل في مقام الاشتباه من أهم المهمات، ومن خير الوسائل لإيضاح الحق، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (١) » فأقول والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا به:

قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (٢) » أخرجه الشيخان وفي لفظ لمسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٣) » وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (٤) »

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وهذه الآثار التي ذكرها الكاتب كغار حراء وغار ثور وبيت النبي صلى الله عليه وسلم ودار الأرقم بن أبي الأرقم ومحل بيعة الرضوان وأشباهها إذا عظمت وعبدت طرقها وعملت لها المصاعد واللوحات لا تزار كما تزار آثار الفراعنة، وآثار عظماء الكفرة، وإنما تزار للتعبد والتقرب إلى الله بذلك. وبذلك نكون بهذه الإجراءات قد أحدثنا في الدين ما ليس منه، وشرعنا للناس ما لم يأذن به الله وهذا هو نفس المنكر الذي حذر الله عز وجل منه في قوله سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (٥) وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (٦) » وبقوله صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن (٧) » متفق على صحته، ولو كان تعظيم الآثار بالوسائل التي ذكرها الكاتب وأشباهها مما يحبه الله ورسوله لأمر به صلى الله عليه وسلم


(١) صحيح مسلم الإيمان (٥٥) ، سنن النسائي البيعة (٤١٩٨) ، سنن أبو داود الأدب (٤٩٤٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/١٠٢) .
(٢) صحيح البخاري الصلح (٢٦٩٧) ، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦) ، سنن ابن ماجه المقدمة (١٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٥٦) .
(٣) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٥٦) .
(٤) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧) ، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٧١) ، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦) .
(٥) سورة الشورى الآية ٢١
(٦) صحيح البخاري الصلح (٢٦٩٧) ، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦) ، سنن ابن ماجه المقدمة (١٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٥٦) .
(٧) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣٢٠) ، صحيح مسلم العلم (٢٦٦٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>