للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفران أكبر وأصغر، كما أن الظلم ظلمان، وهكذا الفسق فسقان أكبر وأصغر. فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله أو الزنا أو الربا أو غيرها من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفرا أكبر، وظلم ظلما أكبر، وفسق فسقا أكبر. ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفرا أصغر وظلمه ظلما أصغر وهكذا فسقه. لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (١) » أراد بهذا صلى الله عليه وسلم: الفسق الأصغر والكفر الأصغر. وأطلق العبارة تنفيرا من هذا العمل المنكر. وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت (٢) » . أخرجه مسلم في صحيحه. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (٣) » والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

فالواجب على كل مسلم ولا سيما أهل العلم التثبت في الأمور، والحكم فيها على ضوء الكتاب والسنة، وطريق سلف الأمة والحذر من السبيل الوخيم الذي سلكه الكثير من الناس لإطلاق الأحكام وعدم التفصيل وعلى أهل العلم أن يعتنوا بالدعوة إلى الله سبحانه بالتفصيل وإيضاح الإسلام للناس بأدلته من الكتاب والسنة، وترغيبهم في الاستقامة عليه والتواصي والنصح في ذلك، مع الترهيب من كل ما يخالف أحكام الإسلام. وبذلك يكونون قد سلكوا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم،


(١) رواه البخاري في الإيمان برقم ٤٦، ومسلم في الإيمان برقم ٩٧ واللفظ متفق عليه.
(٢) رواه مسلم في كتاب الإيمان برقم ١٠٠، وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم ١٠٠٣٠
(٣) رواه البخاري في كتاب العلم برقم ١١٨، ورواه مسلم في الإيمان برقم ٩٨ واللفظ متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>