للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائل: أي فقير ومع فقره يستكبر ويبتلى بالكبر، فالكبر يدعو إليه المال والغنى، ومع فقره فهو يستكبر فالكبر سجية له وطبيعة له.

أما التواضع: فهو لين الجانب وحسن الخلق وعدم الترفع على الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا (١) » «البر حسن الخلق (٢) » .

فليتذكر عظمة الله ويتذكر أن الله هو الذي أعطاه المال، وأعطاه الوظيفة، وأعطاه الجاه وأعطاه الوجه الحسن، أو غير ذلك.... يتذكر أن من شكر ذلك التواضع وعدم التكبر.... لا يتكبر لمال أو لوظيفة أو لنسب أو لجمال أو لقوة أو لغير ذلك.... بل يتذكر أن هذه من نعم الله وأن من شكرها أن يتواضع وأن يحقر نفسه وألا يتكبر على إخوانه ويترفع عليهم، فالتكبر يدعو إلى الظلم والكذب وعدم الإنصاف في القول والعمل، يرى نفسه فوق أخيه إما لمال وإما لجمال وإما لوظيفة وإما لنسب وإما لأشياء متوهمة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الكبر بطر الحق وغمط الناس (٣) » يعني رد الحق إذا خالف هواه هذا تكبر، وغمط الناس: احتقار الناس يراهم دونه وأنهم ليسوا جديرين بأن ينصفهم أو يبدأهم بالسلام أو يجيب دعوتهم أو ما أشبه ذلك.

وإذا تذكر ضعفه وأنه من نطفة ضعيفة من ماء مهين وأنه يحتاج إلى حمام لقضاء الحاجة وأنه يأكل من هنا ويخرج من هنا، وأنه إذا لم يستقم على طاعة الله صار إلى النار عرف ضعفه وأنه مسكين ولا يجوز له أن يتكبر.


(١) رواه الترمذي في البر والصلة برقم ١٩٤١.
(٢) رواه مسلم في البر والصلة برقم ٤٦٣٢، والترمذي في الزهد برقم ٢٣١١.
(٣) رواه مسلم في الإيمان برقم ١٣١ واللفظ له، ورواه أحمد في باقي مسند المكثرين برقم ٣٦٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>