فذكر عليه الصلاة والسلام أن من أسباب الاستجابة مد اليدين إلى السماء.
ولكن لما أن الداعي تلبس بالحرام من وجوه كثيرة استبعد عليه الصلاة والسلام أن يستجاب له بسبب تعاطيه الحرام، فعلم بهذا أن رفع اليدين من أسباب الاستجابة.
وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: «إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (١) » أي: خاليتين. فهذا يدل على شرعية رفع اليدين في الدعاء وأنه من أسباب الاستجابة لكن ثبت في مواضع أخرى أنه لم يرفع فيها عليه الصلاة والسلام يديه مثل الدعاء بين السجدتين والدعاء في آخر الصلاة قبل السلام، هكذا الدعاء بعد الفرائض الخمس (الظهر - والعصر - والمغرب - والعشاء - والفجر) ما كان صلى الله عليه وسلم يرفع يديه بعد شيء منها، فالسنة في مثل هذا ألا ترفع الأيدي، بل الرفع في هذا بدعة؛ لأنه لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، عليه الصلاة والسلام.
لكن إذا قنت في النوازل شرع له رفع اليدين بعد الركوع في الركعة الأخيرة فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لما دعا على القبائل التي اعتدت على المسلمين من القراء؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم دعا بعد الركوع من الركعة الأخيرة على كفار قريش قبل الفتح وهكذا رفع اليدين في قنوت الوتر. والله ولي التوفيق.
(١) رواه الترمذي في الدعوات برقم ٣٤٧٩، وأبو داود في الصلاة برقم ١٢٧٣، واللفظ له، وابن ماجه في الدعاء برقم ٣٨٥٥.