للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم من رأى: أن الماء إذا كان دون القلتين، وأصابته نجاسة فإنه ينجس بذلك، وإن لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث (١) » ، وفي لفظ: «لم ينجس» أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن الأربع، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم.

قالوا: فمفهوم هذا الحديث أن ما دون القلتين ينجس بما يقع فيه من النجاسة، وإن لم يتغير.

وقال آخرون من أهل العلم: (دلالة المفهوم ضعيفة) .

والصواب: أن ما دون القلتين لا ينجس إلا بالتغير، كالذي بلغ القلتين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء (٢) » أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي بإسناد صحيح، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. وإنما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - القلتين؛ ليدل على أن ما دونهما يحتاج إلى تثبت ونظر وعناية؛ لأنه ينجس مطلقا؛ لحديث أبي سعيد المذكور.

ويستفاد من ذلك: أن الماء القليل جدا يتأثر بالنجاسة غالبا، فينبغي إراقته، والتحرز منه؛ ولهذا ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرات (٣) » أخرجه مسلم في صحيحه.


(١) سنن الترمذي الطهارة (٦٧) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥١٧) ، سنن الدارمي الطهارة (٧٣١) .
(٢) سنن الترمذي الطهارة (٦٦) ، سنن أبو داود الطهارة (٦٦) .
(٣) صحيح البخاري الوضوء (١٧٢) ، صحيح مسلم الطهارة (٢٧٩) ، سنن الترمذي الطهارة (٩١) ، سنن النسائي المياه (٣٣٨) ، سنن أبو داود الطهارة (٧١) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٣٦٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٨٢) ، موطأ مالك الطهارة (٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>