للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسقموا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبدا (١) » هذه حالهم ولهم فيها ما يشتهون، ولهم فيها ما يدعون. {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (٢) ولهم فيها لقاء مع الله عز وجل كما يشاء، ورؤية وجهه الكريم جل وعلا.

أما من خالف الرسل في هذه الدار، وتابع الهوى والشيطان، فإنه ينتقل من هذه الدار إلى دار الجزاء، دار الهوان والخسران، والعذاب والآلام والجحيم، التي أهلها في عذاب وشقاء دائم، {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} (٣) كما قال عز وجل: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} (٤) وقال فيها أيضا: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} (٥) وقال فيها جل وعلا: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} (٦) والمقصود أن هذه الدار هي دار العمل، وهي دار التقرب إلى الله عز وجل بما يرضيه، وهي دار الجهاد للنفوس، وهي دار المحاسبة، ودار التفقه والتبصر في الدين، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه، والعلم والعمل، والعبادة والمجاهدة، قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٧) {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (٨) {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (٩)

فخلق الله الجن والإنس وهما


(١) صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٣٧) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٢٤٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٩٥) ، سنن الدارمي الرقاق (٢٨٢١) .
(٢) سورة فصلت الآية ٣٢
(٣) سورة فاطر الآية ٣٦
(٤) سورة طه الآية ٧٤
(٥) سورة الكهف الآية ٢٩
(٦) سورة محمد الآية ١٥
(٧) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٨) سورة الذاريات الآية ٥٧
(٩) سورة الذاريات الآية ٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>