للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدث الأصغر، وقال بعض أهل العلم: إنهما مثل الجنب لا تقرآن - ولو عن ظهر قلب - حتى تغتسلا؛ لأن حدثهما أكبر يوجب الغسل، فأشبهتا الجنب، ولكن الصحيح أنهما ليستا كالجنب؛ لأن حدثهما يطول ويأخذ أياما كثيرة، ويشق عليهما تركهما للقراءة، وربما ضيعتا حفظهما. فالصحيح أنه يجوز لهما أن تقرأ عن ظهر قلب، كما يقرأ المحدث حدثا أصغر.

ولا يجوز قياسهما على الجنب لما ذكرنا من الفرق بينهما، والمحدث حدثا أصغر يمنع من مس المصحف حتى يتطهر؛ لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (١) وهو أحد قولي العلماء في تفسير الآية، ولما جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يمس القرآن إلا طاهر (٢) » ، وهو حديث حسن له طرق يشد بعضها بعضا.

والخلاصة: أن الجنب والحائض والنفساء ومن ليس على طهارة من ريح أو بول ليس لهم جميعا أن يقرءوا من المصحف، وأما عن ظهر قلب فيجوز للمحدث حدثا أصغر أن يقرأ عن ظهر قلب، وللحائض والنفساء عن ظهر قلب على الصحيح.

أما الجنب فلا يقرأ عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى يغتسل، هذا هو خلاصة الموضوع، أما الحديث المروي في نهي الحائض عن قراءة القرآن فهو حديث ضعيف، رواه أبو داود، من حديث إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، وموسى المذكور حجازي، ورواية إسماعيل المذكور عن الحجازيين ضعيفة. والله ولي التوفيق.


(١) سورة الواقعة الآية ٧٩
(٢) موطأ مالك النداء للصلاة (٤٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>