للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر بإجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ لأن هناك أشياء يعرفون عنها أنها كفر، لكنه كفر دون كفر، مثل البراءة من النسب، ومثل القتال بين المؤمنين. لقوله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (١) » فهذا كفر دون كفر إذا لم يستحله، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن كفرا بكم التبرؤ من آبائكم (٢) » وقوله عليه الصلاة والسلام: «اثنتان في الناس هما بهم كفر النياحة والطعن في النسب (٣) » فهذا كله كفر دون كفر عند أهل العلم؛ لأنه جاء منكرا غير معرف بـ (أل) .

ودلت الأدلة الأخرى دالة على أن المراد به غير الكفر الأكبر، بخلاف الصلاة فإن أمرها عظيم، وهي أعظم شيء بعد الشهادتين وعمود الإسلام، وقد بين الرب عز وجل حكمها لما شرع قتال الكفار، فقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (٤) وقال عليه الصلاة والسلام: «نهيت عن قتل المصلين (٥) » فدل على أن من لم يصل يقتل، ولا يخلى سبيله إذا لم يتب.

والخلاصة: أن القول الصواب الذي تقتضيه الأدلة: هو أن ترك الصلاة كفر أكبر ولو لم يجحد وجوبها، ولو قال الجمهور بخلافه، فإن المناط هو الأدلة، وليس المناط كثرة القائلين، فالحكم معلق بالأدلة، والترجيح يكون بالأدلة، وقد قامت الأدلة على كفر تارك الصلاة كفرا أكبر، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا


(١) صحيح البخاري الإيمان (٤٨) ، صحيح مسلم الإيمان (٦٤) ، سنن الترمذي البر والصلة (١٩٨٣) ، سنن النسائي تحريم الدم (٤١٠٨) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٩) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣٨٥) .
(٢) صحيح البخاري الحدود (٦٨٣٠) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٥٦) .
(٣) سنن الترمذي الجنائز (١٠٠١) .
(٤) سورة التوبة الآية ٥
(٥) سنن أبو داود الأدب (٤٩٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>