للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوضح جل وعلا أنه بعث في جميع الأمم في كل أمة رسولا يقول لهم: اعبدوا الله، واجتنبوا الطاغوت، هذه دعوة الرسل كل واحد يقول لقومه وأمته: اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت.

المعنى: وحدوا الله، لأن الخصومة بين الرسل والأمم في توحيد العبادة، وإلا فالأمم تقر بأن الله ربها وخالقها ورازقها، وتعرف كثيرا من أسمائه وصفاته، ولكن النزاع والخصومة، من عهد نوح إلى يومنا هذا في توحيد الله بالعبادة، فالرسل تقول للناس: اخلصوا العبادة له، وحدوه بها، واتركوا عبادة ما سواه، وأعداؤهم وخصومهم يقولون: لا بل نعبده ونعبد غيره، ما نخصه بالعبادة.

هذا هو محل النزاع بين الرسل والأمم. الأمم لا تنكر عبادته بالجملة، بل تعبده، ولكن النزاع هل يخص بها أم لا يخص؟

فالرسل بعثهم الله لتخصيص الرب بالعبادة، وتوحيده بها، دون كل ما سواه، لكونه عز وجل المالك، القادر على كل شيء، الخلاق، الرزاق للعباد، العليم بأحوالهم، إلى غير ذلك.

فلهذا دعت الرسل عليهم الصلاة والسلام جميع الأمم، إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، وترك عبادة ما سواه.

وهذا هو معنى قوله عز وجل: {أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (١) قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذا المعنى: العبادة هي


(١) سورة النحل الآية ٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>