للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (١) {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (٢)

ففي هذه الآيات المحكمات الأمر بطاعة الله ورسوله، والحث على اتباع كتابه المبين، وتعليق الهداية والرحمة ودخول الجنات بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتعليق الفتنة والعذاب المهين بمعصية الله ورسوله، فاحذروا أيها المسلمون ما حذركم الله منه، وبادروا إلى ما أمركم به بإخلاص وصدق ورغبة ورهبة تفوزوا بكل خير وتسلموا من كل شر في الدنيا والآخرة.

ومن أعظم الطاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام التحاكم إلى شريعته والرضى بحكمها والتواصي بذلك والحذر كل الحذر مما يخالفها، عملا بقول الله عز وجل: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٣) اقسم الله سبحانه في هذه الآية الكريمة أن العباد لا يؤمنون حتى يحكموا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم، وينفادوا لحكمه راضين مسلمين من غير كراهة ولا حرج، وهذا يعم مشاكل الدين والدنيا، فهو صلى الله عليه وسلم هو الذي يحكم فيها بنفسه في حياته وبسنته بعد وفاته ولا إيمان لمن أعرض عن ذلك أو لم يرضى به، وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (٤) فهو سبحانه هو الذي يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه في هذه الدار، وذلك بما أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة، وفي يوم القيامة يحكم بين الناس بنفسه عز وجل،

وقال


(١) سورة النساء الآية ١٣
(٢) سورة النساء الآية ١٤
(٣) سورة النساء الآية ٦٥
(٤) سورة الشورى الآية ١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>