من كتابه، وهكذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر به الأمة ورغبها فيه لعظم شأنه ومسيس الحاجة إليه؛ لأن أكثر الخلق لا يردعه عن باطله مجرد الوعد والوعيد، بل لا بد في حقه من وازع سلطاني يلزمه بالحق ويردعه عن الباطل، ومتى توفر هذان العاملان الأساسيان وهما: الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، لأي أمة أو دولة، كان النصر حليفها، وكتب الله لها التمكين في الأرض والاستخلاف فيها: وعد الله الذي لا يخلف، وسنته التي لا تبدل، وقد وقع لصدر هذه الأمة من العز والتمكين والنصر على الأعداء ما يدل على صحة ما دل عليه القرآن الكريم، وجاءت به سنة الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام، وكل من له أدنى إلمام بالتاريخ الإسلامي يعرف صحة ما ذكرناه، وأنه أمر واقع لا يمكن تجاهله، وليس له سبب سوى ما ذكرنا آنفا من صدق ذلك الرعيل الأول في إيمانهم بالله ورسوله، والجهاد في سبيله قولا وعملا وعقيدة.
وإليك أيها الأخ الكريم بعض الآيات الدالة على ما ذكرنا، لتكون على بينة وبصيرة ولتقوم بما تستطيعه من الدعوة إلى سبيل ربك، وتنبيه إخوانك المسلمين على أسباب النصر وعوامل الخذلان، ولأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(١) وقد أجمع أهل التفسير على أن نصر الله سبحانه هو نصر دينه بالعمل به والدعوة إليه، وجهاد من خالفه، ويدل على هذا المعنى الآية الأخرى من سورة الحج وهي قوله سبحانه: