للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسماوات وعالم السرائر والخفيات الذي بيده تصريف قلوب الجميع وبيده أزمة الأمور وتصريفها، يتضح لك من ذلك عناية الإسلام بالأسباب، وحثه عليها وتحذيره من إهمالها أو الغفلة عنها، ويتبين لك من ذلك أنه لا يجوز للمسلم أن يعرض عن الأسباب أو يتهاون بشأنها، كما أنه لا يجوز له الاعتماد عليها، بل يجب أن يكون اعتماده على الله وحده، موقنا بأنه سبحانه هو الذي بيده النصر وهذا هو حقيقة التوكل الشرعي، وهو: الأخذ بالأسباب والعناية بها مع الاعتماد على الله والتوكل عليه، وقد نبه الله سبحانه على هذا المعنى في عدة آيات؛ منها: قوله سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (١) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٢) فذكر التقوى أولا وهي أعظم الأسباب؛ لأن حقيقتها طاعة الله ورسوله في كل شيء، ومن ذلك الأخذ بالأسباب الحسية والمعنوية والسياسية والعسكرية، ثم ذكر التوكل فقال عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٣) أي كافيه. وقال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (٤) {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٥)

أما الجهاد الصادق فذكره سبحانه في عدة آيات، وذكر ما يترتب عليه من النصر في الدنيا والسعادة في الآخرة، وبين صفات المجاهدين الصادقين ليتميزوا من


(١) سورة الطلاق الآية ٢
(٢) سورة الطلاق الآية ٣
(٣) سورة الطلاق الآية ٣
(٤) سورة الأنفال الآية ٩
(٥) سورة الأنفال الآية ١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>