ويقوى جانبهم ويهابهم عدوهم. هكذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم أمروا بأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه، ولا يخفى على ذي اللب ما في إقامة الدين والاجتماع عليه وعدم التفرق من قوة المسلمين وتمكنهم من أخذ حقوقهم من أعدائهم، وانتصافهم منهم وهيبة الأعداء لهم في نفس الوقت، لما يشاهدونه من اتحادهم واجتماعهم وإقامتهم دينهم وتعاونهم في ذلك وتواصيهم به. فالاجتماع والاتحاد والتعاون الصادق على الحق في كل أمة لا شك أنه سر النجاح وطريق الفوز والكرامة في الدنيا والآخرة.
فعلمنا بهذا أن جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم أرسلوا بالإسلام، وكلهم دعوا إلى الإسلام، وكلهم دينهم الإسلام، وكلهم أمروا بإقامة الإسلام، وإقامته كما تقدم إظهاره للناس ودعوتهم إليه والاستقامة عليه علما وعملا وعقيدة والاجتماع على ذلك، وذلك بالإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وتلقي ما جاء به الرسول الأمين بالقبول والعمل والاجتماع على ذلك، والحذر من الخلاف والتفرق وبهذا يزداد الداخلون في الدين، ويعظمون أمر الدين ويعظمون الدعاة إليه، ويعرفون صلاحه لكل عصر، وأنه دين حق من تمسك به أفلح ونجح وفاز بالعزة والكرامة والاتحاد والقوة والاجتماع مع إخوانه.
فدين نوح وهود وصالح ومن بعدهم من الأنبياء هو الإسلام عقيدة وشريعة. فالعقيدة التي هي الإيمان بالله ورسوله المبعوث في كل وقت بالنسبة إلى القوم المبعوث إليهم هي الإسلام بالنسبة إليهم وهو إيمانهم بما جاء به رسولهم