للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة لحكمة بالغة وأسرار عظيمة اقتضتها حكمة الله وعلمه وقدرته وكمال إحسانه وجوده جل وعلا.

وقد يكون بعض التشديد في بعض الشرائع وبعض الآصار والأغلال لحكم وأسرار اقتضت ذلك، وقد يكون من أسباب ذلك عصيان الأمة التي أرسل إليها الرسول وجرأتها على الله وعدم مبالاتها بأوامره ونواهيه فيشدد عليهم في التشريع لأسباب ذلك، كما قال عز وجل: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} (١) {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} (٢) فبين سبحانه أنه حرم على بني إسرائيل من اليهود طيبات أحلت لهم بأسباب أعمالهم الخبيثة، ولما كان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام هو الخاتم للأنبياء والرسل جميعا كانت شريعته أكمل الشرائع وأتمها، لكونها شريعة خاتمة للشرائع، ولكونها شريعة عامة لجميع الأمة إلى يوم القيامة، فلما كان عليه الصلاة والسلام خاتم النبين وكان رسولا عاما إلى جميع الثقلين اقتضت حكمة الله سبحانه أن تكون شريعته أوفي الشرائع وأكملها وأتمها انتطاما لمصالح العباد في المعاش والمعاد فهو عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٣) وتواترت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه خاتم النبيين، وهذا أمر بحمد الله مجمع عليه ومعلوم بالضرورة من دين الإسلام. وقد أجمع المسلمون على أن من ادعى النبوة بعده فهو


(١) سورة النساء الآية ١٦٠
(٢) سورة النساء الآية ١٦١
(٣) سورة الأحزاب الآية ٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>