للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام طرق ظاهرة بينة واضحة لمن تأملها، توصل من استقام عليها واتبعها وأخذ بها إلى النجاة والسعادة والحياة الطيبة الكريمة في الدنيا والآخرة، فشريعة نبينا عليه الصلاة والسلام أفضلها وأكملها وليس فيها آصار ولا أغلال قد وضع الله عن هذا النبي وعن أمته الآصار والأغلال فلله الحمد والمنة شريعة سمحة، كما قال في الحديث الصحيح: «بعثت بالحنيفية السمحة (١) » وقال عليه الصلاة والسلام: «إن هذا الدين يسر ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه (٢) » وقال لما بعث معاذا وأبا موسى رضي الله عنهما إلى اليمن: «يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا (٣) » فهذه الشريعة: شريعة التيسير، وشريعة المسامحة، وشريعة الرحمة والإحسان، وشريعة المصلحة الراجحة، وشريعة العناية بكل ما فيه نجاة العباد وسعادتهم وحياتهم الطيبة في الدنيا والآخرة.

فالله جل وعلا بعث نبينا وإمامنا محمدا عليه الصلاة والسلام بشريعة كاملة منتظمة للمصالح العاجلة والآجلة، فيها الدعوة إلى كل خير، وفيها التحذير من كل شر، وفيها توجيه العباد إلى أسباب السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وفيها تنطيم العلاقات بين العباد وبين ربهم وبين أنفسهم تنظيما عظيما حكيما، وأهم ذلك وأعظمه ما جاءت به الشريعة العظيمة الكاملة من إصلاح الباطن وتوجيه العباد إلى ما فيه صلاح قلوبهم واستقامتهم على دينهم، وإيجاد وازع قلبي إيماني يزعهم إلى الخير والهدى ويزجرهم عن أسباب الهلاك والردى، فالله عز وجل أمر الناس في كتابه الكريم بما فيه صلاح القلوب وإصلاح البواطن.

وعنيت الشريعة بهذا أعظم عناية، وفي الأحاديث


(١) مسند أحمد بن حنبل (٥/٢٦٦) .
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٣٩) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٣٤) .
(٣) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠٣٨) ، صحيح مسلم الأشربة (١٧٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>