للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهي حياة تشبه حياة البهائم ليس لأهلها هم إلا شهواتهم وحظهم العاجل، فهي حياة من جنس حياة البهائم بل أسوا وأضل، لكونهم لم ينتفعوا بعقولهم التي ميزوا بها عن البهائم، كما قال جل وعلا: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (١) وقال جل وعلا: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} (٢) هذه حياة من حاد عن الشريعة حياة في الحقيقة هي شبيهة بالموت لعدم إحساسهم بالواجب وعدم شعورهم بما خلقوا له، وهي حياه في ذاتها تشبه حياة البهائم لكون البهيمة لا هم لها إلا شهواتها وحظها العاجل، فهكذا الكافر المعرض عن الشريعة ليس له هم إلا شهواته وحظه العاجل، ولهذا شبه الله أهل الإيمان والهدى بالمبصرين والسامعين، وشبه من حاد عن الشريعة بالأعمى والأصم، وشبه من وفق إلى الشريعة بالحي وشبه من خالف الشريعة بالميت وبهذا نعرف أيها الإخوة أن هذه الشريعة، حياة البشر وسعادة البشر ونجاة البشر في الدنيا والآخرة، وأنهم في أشد الضرورة إلى اعتناقها والتزامها والتمسك بها لأن بها حياتهم ونصرتهم ونجاتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، ولأن فيها الحكم بينهم بالحق وإنصاف مظلومهم من ظالمهم، ولهذا كانت هذه الشريعة العظيمة أعظم شريعة وأكمل شريعة، وكان البشر في أشد الضرورة إلى أن يعتنقوها ويلتزموها، ولا حل لمشاكلهم ولا سعادة لهم أبدا ولا نجاة للمسلمين مما وقعوا فيه اليوم من التفرق


(١) سورة الفرقان الآية ٤٤
(٢) سورة محمد الآية ١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>